9 أمراض معدية غيرت التاريخ !
على مدار التاريخ الطبيعي للبشر ، كانت الأمراض المعدية إحدي أهم الأسباب للوفيات البشرية وللمعاناة في جميع أنحاء الكرة الأرضية . بعض الأمراض تركت أثرها في الحياة الإنسانية وغيرت مسار التاريخ البشري في طريقها .
فعلى سبيل المثال مرض ” الطاعون ” تسبب في انخفاض أعداد السكان بشدة في القرون التي تلت ظهور المرض ، وفي بعض الأمراض الأخرى مثل ” شلل الأطفال ” أدت إصابة شخصية مرموقة في وقتها إلى إكتشاف المرض والإعتراف به ومزيد من الإهتمام به والسعي إلى إيجاد علاج له .
والآن إليك قائمة بأكثر الأمراض تأثيراً على التاريخ البشري .
1 – الطاعون الأسود
يستخدم مصطلح الطاعون الأسود (أو الموت العظيم أو الموت الأسود)، للإشارة إلى وباء الطاعون الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1352 وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة. انتشرت أوبئة مشابهة في نفس الوقت في آسيا والشرق الأدنى، مما يوحي بأن هذا الوباء الأوروبي كان جزءاً من وباء عالمي أوسع نطاقا. يُسبب الطاعون وأعراضه بصفة عامة يرسينيةُ الطاعونية، وهي بكتيريا تعيش في أجسام القوارض الأرضية (أكثر تحديدا، فصيلة bobac متنوعة الغرير) .
خلال العصور الوسطى لم يستخدم هذا التعريف، بل قالوا الموت العظيم أو الطاعون العظيم. الرواة الدنماركيون والسويديون هم أول من استخدم مصطلح “الموت الأسود” (mors atra، وهي في الواقع ينبغي أن تفهم على أنها “الموت الفظيع”) إشارة إلى طاعون 1347-1353، للتأكيد على رعب وخراب هذا الوباء. فإذاً كلمة “أسود” تستخدم مجازاً رغم أن المصطلح المستخدم اليوم في النرويجية للإشارة إلى الطاعون هو “Den svarta döden”. أُخذ هذا التعريف عام 1832 من الطبيب الألماني يوستوس هيكر في كتابه الموت الأسود في القرن الرابع عشر. وكان لهذا الكتاب صدى كبير، خاصة أنه صدر خلال وباءٍ للكوليرا. ترجم الكتاب إلى الإنجليزية في عام 1833 ونشر عدة مرات. ومنذ ذلك الحين استخدمت عبارة “Black Death” أو “Schwarzer Tod” (الموت الأسود)، وخاصة في المناطق الناطقة الألمانية والمناطق الناطقة بالإنجليزية، إشارةً إلى وباء الطاعون في القرن الرابع عشر.
بلغ عدد الوفيات بهذا المرض نسبة 70 % أي ما يعادل 200 مليون شخص عبر أوروبا مما خفض عدد السكان بالقارة إلى النصف . العديد من القساوسة أصيبوا بالعدوى أثناء أداء المراسم الجنائزية للمتوفين على إثر المرض ، وإلى يومنا هذا يعتبر الطاعون الأسود هو أكثر الأمراض بشاعة حتى بعد ظهور المضادات الحيوية وتطويرها ما أدي إلى انحسار المرض .
2 – الجدري
يعد الجدري (Smallpox) من بين أكثر الأمراض فتكا بالبشرية على الإطلاق، فقد غيّر هذا المرض مسار التاريخ البشري بشكل كبير، وأسهم في تدهور وتدمير الحضارات.اشتُقَّ اسمه من الكلمة اليونانية التي تعني “تبقع” في إشارة إلى النُّتوءات البثرية التي تبرز على وجه وجسم الشخص المصاب. وقد تسبب هذا المرض في قتل نحو 30% من الأشخاص الذين أصيبوا به عبر التاريخ. أما الناجون فقد رافقهم العمى، وندوب عميقة جداً، وعلامات على الجلد، إضافة إلى تشوهات أخرى، مثل فقدان الشفاه والأنف وأنسجة الأذن.إن تاريخ الجدري لافت للنظر، ليس فقط بسبب الدمار المذهل الذي ألحقه بالحضارات البشرية، ولكن أيضا للإنجازات المذهلة للطب الحديث في مكافحتِه، والتي استطاعت القضاء على هذا الوباء ويُعتقد أن الجُدري نشأ في الهند أو مصر قبل 3000 عام على الأقل، وذلك بعد العثور على مومياء مصرية مصابة به، وهي مومياء الفرعون رمسيس الخامس الذي توفي عام 1157 قبل الميلاد، فقد أظهرت بقاياه المحنطة بعض النتوءات البثرية على جلده.
وانتشر المرض في وقت لاحق على طول طرق التجارة في آسيا وأفريقيا وأوروبا، فقد تم توثيق أوصاف لا لُبس فيها لهذا المرض في الصين خلال القرن الرابع، وفي الهند ومنطقة البحر الأبيض المتوسط خلال القرن السابع الميلادي، فضلا عن جنوب غرب آسيا خلال القرن العاشر.وتشير التقديرات إلى أن الجدري دخل أوروبا بين القرنين الخامس والسابع مع انتشار الأوبئة خلال العصور الوسطى. وأدخل المستعمرون الأوروبيون الجدري إلى الأميركيتين (وأيضا أفريقيا وأستراليا) بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، مع معدلات إصابة بلغت 90%. ويعتقد عموما أن الجدري كان السبب وراء سقوط إمبراطوريات الأزتيك والإنكا. يتسبب فيروس الجدري الذي يسمى أيضا “فاريولا” (Variola) في حدوث مرض الجدري، وهو فيروس كبير نسبيا (من أكبر الفيروسات حجما) يحتوي على الحمض النووي (DNA)، ويمكن العثور عليه بأعداد كبيرة في العديد من أجهزة الأشخاص المصابين (الجلد والكلى والطحال والكبد وغيرها)، وعادة ما يكون تسمم الدم هو السبب في حدوث الوفاة.
3 – الإنفلونزا الإسبانية
إنه الوباء الذي قتل من البشر أكثر من الحربين العالميتين مجتمعتين ، في عام 1918 تفشّى في العالم وباء قاتل سُمي وقتها بالإنفلونزا الإسبانية وسبّبه فيروس H1N1 شديد الفوعة ( أحد أنواع إنفلونزا الخنازير ) بدأ انتشار هذا المرض في كانون الثاني 1918 م واستمرّ حتى كانون الأول 1920 م واجتاح دول العالم كلها وأدى لملايين الوفيات وإلى أضرار اقتصادية واجتماعية هائلة. ويعتقد العلماء أن الفيروس استطاع تجاوز ما يعرف بـ”الحاجز النوعي” لينتقل من الطيور إلى الإنسان.
ويقدر أن عدوى وباء الأنفلونزا “الأسبانية” لعام 1918 أصابت ما يصل إلى مليار شخص، أي نحو نصف سكان العالم في ذلك الوقت. وقد أسفر هذا الفيروس عن قتل عدد من الأشخاص يفوق محصلة ضحايا أي وباء على الإطلاق، بحيث تفوق على وباء الطاعون، الذي عرف بالموت الأسود، في العصور الوسطى. ورغم أن مصدر هذا الفيروس كان على الأرجح في الشرق الأقصى، إلا أنه أطلق عليه الأنفلونزا “الأسبانية” لأن الصحافة الأسبانية كان لها السبق في متابعته وتقديم تغطية واسعة له، إذا لم تكن أسبانيا منخرطة في الحرب العالمية الأولى التي دارت رحاها آنذاك. ويعتقد أن هذا الفيروس ربما لعب دورا في إنهاء الحرب العالمية الأولى حيث كان الجنود من المرض بحيث لم يتمكنوا من القتال، وفي تلك المرحلة كان عدد الضحايا من الجانبين نتيجة الفيروس أكثر من ضحايا الحرب.